يمكن أن نوجز حق الصديق على صديقه في الأمور التالية:
الحق الأول في المال:
المواساة بالمال مع الصديق على ثلاث مراتب:
أدناها: أن تنزله منزلة خادمك فتقوم بحاجته من فضلة مالك، فإذا سنحت له حاجة وكانت عندك فضلة عن حاجتك، أعطيته ابتداءً ولم تحوجه إلى السؤال، فإن أحوجته إلى السؤال فهو غاية التقصير في حق الأخوة.
الثانية: أن تنزله منزلة نفسك، وترضى بمشاركته إياك في مالك، ونزوله منزلتك حتى تسمح بمشاطرته في المال.
والثالثة: هي العليا، أن تؤثره على نفسك، وتقدم حاجته على حاجتك، وهذه رتبة الصِّدِّيقين، ومنتهى رتبة المتحابين، ومنتهى هذه الرتبة الإيثار بالنفس أيضًا.
الحق الثاني في الإعانة بالنفس:
الإعانة بالنفس تكون في قضاء الصديق لحاجات صاحبه، والقيام بها قبل السؤال، وتقديمها على الحاجات الخاصة، وهذه أيضًا لها درجات؛ فأدناها القيام بالحاجة عند السؤال والقدرة، ولكن مع البشاشة والاستبشار وإظهار الفرح.
• روى مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نفَّس عن مؤمنٍ كربةً من كرب الدنيا، نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسرٍ، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه))؛ (مسلم حديث: 2699).
• كان بعض السلف يتفقد عيال أخيه وأولاده بعد موته أربعين سنةً، يقوم بحاجتهم، يتردد كل يومٍ إليهم ويمونهم من ماله، فكانوا لا يفقدون من أبيهم إلا عينه، بل كانوا يرون منهم ما لم يروا من أبيهم في حياته،وكان أحدهم يتردد إلى باب دار أخيه يقوم بحاجته من حيث لا يعرفه أخوه، وبهذا تظهر الشفقة،والأخوة إذا لم تثمر الشفقة حتى يشفق على أخيه كما يشفق على نفسه، فلا خير فيها.
فينبغي أن تكون حاجة أخيك مثل حاجتك، أو أهم من حاجتك، وأن تكون متفقدًا لأوقات الحاجة، غير غافلٍ عن أحواله، كما لا تغفل عن أحوال نفسك، وتغنيه عن السؤال والاستعانة.
• قال عطاء بن أبي رباح (رحمه الله): (تفقدوا إخوانكم بعد ثلاثٍ، فإن كانوا مرضى فعُودوهم، أو مشاغيل فأعينوهم، أو كانوا نسُوا فذكروهم).
• قال الله تعالى: ﴿ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29] إشارةً إلى الشفقة والإكرام.
الحق الثالث في اللسان: بالسكوت مرةً، وبالنطق أخرى:
أما السكوت فهو أن يسكت الصديق عن ذكر عيوب صاحبه في غيبته وحضرته، وليسكت عن أسراره التي أخبره بها، ولا يكشف شيئًا منها، ولو بعد القطيعة والوحشة؛ فإن ذلك من لؤم الطبع، وخُبث الباطن.
• يقول الشاعر:
ليس الكريمُ الذي إن زلَّ صاحبه
بثَّ الذي كان مِن أسراره عَلِمَا
إن الكريمَ الذي تبقى مودتُه
ويحفظُ السرَّ إن صافَى، وإن صَرَمَا
(آداب العشرة - لمحمد العامري الدمشقي صـ: 36).
وعلى الصديق أن يسكت عن العيب في أحباب صاحبه وأهله وولده، وأن يسكت عن إخباره بتجريح غيره فيه،وبالجملة فليسكت الصديق عن كل كلامٍ يكرهه صاحبه، جملةً وتفصيلًا، إلا إذا وجب عليه النطق في أمرٍ بمعروفٍ أو نهيٍ عن منكرٍ، ولم يجد رخصةً في السكوت؛ فإن ذلك إحسان إليه في الحقيقة، وإن كان يظن أنها إساءة في الظاهر.
الصداقة كما تقتضي السكوت عن المكاره تقتضي أيضًا النطق بالمحابِّ، بل هو أخص بالأخوة، فعلى الصديق أن يتودد إلى صاحبه بلسانه، ويتفقده في أحواله التي يحب أن يتفقد فيها؛ كالسؤال عن صحته وأهل بيته.
• روى الترمذي عن المقدام بن معدي كرب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أحب أحدكم أخاه، فليُعْلمه إياه))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث: 1950).
• أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإخبار بحب الصديق لصاحبه؛ لأن ذلك يوجب زيادة حب، فإذا عرف الصديق أنك تحبه أحبك بالطبع لا محالة، فلا يزال الحب يتزايد من الجانبين ويتضاعف، والتحاب بين المؤمنين مطلوب في الشرع، ومحبوب في الدين،ومن ذلك: أن تدعوه بأحب أسمائه إليه في غيبته وحضوره.
• قال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ثلاث يصفين لك ود أخيك: أن تسلِّمَ عليه إذا لقيته أولًا، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه؛ (آداب العشرة - لمحمد العامري الدمشقي صـ: 24).
ومن ذلك: أن تثني عليه بما تعرف من محاسن أحواله عند من يؤثِرُ هو الثناء عنده؛ فإن ذلك من أعظم الأسباب في جلب المحبة، وكذلك الثناء على أولاده وأهله، وصنعته وفعله، حتى عقله وخلقه، وهيئته وخطه وتصنيفه، وجميع ما يفرح به، وذلك من غير كذبٍ ولا إفراطٍ.
يتبع...
• يقول الشاعر:
ليس الكريمُ الذي إن زلَّ صاحبه
بثَّ الذي كان مِن أسراره عَلِمَا
إن الكريمَ الذي تبقى مودتُه
ويحفظُ السرَّ إن صافَى، وإن صَرَمَا
(آداب العشرة - لمحمد العامري الدمشقي صـ: 36).
وعلى الصديق أن يسكت عن العيب في أحباب صاحبه وأهله وولده، وأن يسكت عن إخباره بتجريح غيره فيه،وبالجملة فليسكت الصديق عن كل كلامٍ يكرهه صاحبه، جملةً وتفصيلًا، إلا إذا وجب عليه النطق في أمرٍ بمعروفٍ أو نهيٍ عن منكرٍ، ولم يجد رخصةً في السكوت؛ فإن ذلك إحسان إليه في الحقيقة، وإن كان يظن أنها إساءة في الظاهر.
الصداقة كما تقتضي السكوت عن المكاره تقتضي أيضًا النطق بالمحابِّ، بل هو أخص بالأخوة، فعلى الصديق أن يتودد إلى صاحبه بلسانه، ويتفقده في أحواله التي يحب أن يتفقد فيها؛ كالسؤال عن صحته وأهل بيته.
• روى الترمذي عن المقدام بن معدي كرب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أحب أحدكم أخاه، فليُعْلمه إياه))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث: 1950).
• أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإخبار بحب الصديق لصاحبه؛ لأن ذلك يوجب زيادة حب، فإذا عرف الصديق أنك تحبه أحبك بالطبع لا محالة، فلا يزال الحب يتزايد من الجانبين ويتضاعف، والتحاب بين المؤمنين مطلوب في الشرع، ومحبوب في الدين،ومن ذلك: أن تدعوه بأحب أسمائه إليه في غيبته وحضوره.
• قال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ثلاث يصفين لك ود أخيك: أن تسلِّمَ عليه إذا لقيته أولًا، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه؛ (آداب العشرة - لمحمد العامري الدمشقي صـ: 24).
ومن ذلك: أن تثني عليه بما تعرف من محاسن أحواله عند من يؤثِرُ هو الثناء عنده؛ فإن ذلك من أعظم الأسباب في جلب المحبة، وكذلك الثناء على أولاده وأهله، وصنعته وفعله، حتى عقله وخلقه، وهيئته وخطه وتصنيفه، وجميع ما يفرح به، وذلك من غير كذبٍ ولا إفراطٍ.
يتبع...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
مرحبا لرأيكم